الإسلام والاستشراق وحوار الثقافات ملتقى علمي الدولي

جامعة أبي بكر بلقايد تلمسان ـ الجزائر

 30 و 31 مارس ـ آذار 2011

 

شاركت الدكتورة سهى بعيون في المُلتقى الدولي: "الإسلام والاستشراق وحوار الثقافات" الذي عُقد في جامعة أبي بكر بلقايد تلمسان ـ الجزائر أيام 30 و 31 مارس ـ آذار 2011، والبحث بعنوان: " الذاتُ والآخر في الحضارةِ العربية والإسلامية في الأندلس".

 

تناولت في هذه الدراسة بداية دعوة الإسلام  للحوار والتعاون مع الآخر.

لقد مارست الحضارة الإسلامية انفتاحاً عقلانياً على تراث الحضاراتِ السابقة، وحاورت وشرحتْ وأضافت، وابتكرت وأغنت. فمن هنا كانت تمارسُ انفِتاحاً إنسانياً يتجاوزُ تقاليدَ الانغلاق على الذات، ويرفُض الأنانيةَ والاستعلاء.

الأديان والحضارات تتعاون وتتحاور فيما بينها، فالحوار بين الأديان والحضارات لا يأتي إلا بالخيرِ والنفعِ للبشرية. الإسلام دائماً يدعو إلى الحوارِ مع الآخرِ، والتعاونِ من أجلِ النفعِ لكلِّ البشرية. فالإسلامُ جاء بالخيرِ للبشريةِ، ويدعو إلى التعاونِ بين الأديان والحضارات.

ثم تناولت التواصل والتعاون الثقافي لبناء حضارة متميزة في الأندلس.

امتازَ الأندلسيون بالسرعة الغريبة في تلقُّف علوم العالَم القديم، من فلسفة وتاريخ، وحساب وجبْر وهندسة، وفلَك وعلوم طبيعية. وترجَم الأندلسيون كتب اليونان واللاتين. وتفرَّدوا خاصةً بعلم النبات، نشروه في مدارس لهم كثيرة، منها مدارس قرطبة وطُليْطلة وإشبيلية.

 

استقبلت الأندلس كلَّ ما أرادت من المشرق. وكان العرب في الأندلس يبعثون السفارات لاستجلاب الكتب القيّمة، ما بين إغريقية ولاتينية، ويُقيمون المراصد لدراسة الفلك، ويقومون بالرحلات ليستزيدوا من العلم بالتاريخ الطبيعي، ويُنشئون المدارسَ لتدرَّسُ فيها العلوم بشتَّى صنوفِها.

 

وألقت الضوء على الأقلية المسيحية وسط المجتمع الإسلامي في الأندلس.

 فقد أمَّنَ الحكّام المسلمون من بقي على دينِه، من مسيحيين كانوا أم يهوداً، على أرواحهم وأملاكهم، ومنحوهم حريةَ العقيدة وإقامة الشعائر الدينية، كما تُرِكَت للنصارى الحرية الواسعة في قضائِهم الخاص، وتنظيم أنفسهم. وكانوا يُعانون الخَسفَ والظلم الاجتماعي، ويُصادَرون في حرياتِهم ومعتقداتِهم وأموالِهم... ونتيجةً لهذه السياسة الحكيمة ساد الاستقرار ربوعِ هذه البلاد، وانتشر العدل. وإنّ قسماً كبيراً من الأهالي دخل الإسلام واندرج في عِداد أسرِ المولّدين الكبيرة في بلاد الأندلس.

 

ونتيجة لهذا التسامح المثالي وبكافة الأبعاد، اتخذ هؤلاء المسيحيون أو أكثرهم (وكذلك اليهود) العربية لغة لهم، وأتقنوها وجعلوا يكتِبون بِها خيراً مما يفعلون مع لغتِهم اللاتينية، ودرسوا العلوم الإسلامية. كما أنّهم اتخذوا العادات الإسلامية، ومارسوا أفكار المسلمين وتقاليدهم، في ملابِسهم ومطاعمهم ومشاربِهم، وتسمّى كثير منهم بأسماء عربية وأصبح يُطلق عليهم اسم «المُسْتَعْربين»، ونَبَغ منهم أدباءٌ وعلماء، ومنهم من وصل إلى أعلى مناصب الدولة.

 

ثم تناولت أثر الحضارةِ العربية الإسلامية على المستعربين في الأندلس

أقبل المستعربون على استعمال اللغة العربية لغةَ الفاتحين، بل وتفضيلها على اللاتينية. ثم ازدادت عنايتهم بِاللغة العربية بعد ذلك، حتى ظهر فيهِم أدباءً وشعراء. انتشرت اللغةُ العربية والعادات العربية انتشاراً واسعاً وعميقاً. وتبنّوا في ظل الحكم الإسلامي كافة أوجه ثقافة الحكام، وكان لهم إسهام في الحضارة الأندلسية. وإنّ الاستعراب يمثِّل تأثير الثقافة العربية في غير المسلمين من الأسبان.

وقد كان للمستعربين دور فعّال في حركةِ الترجمة. ترجموا علوم المسلمين إلى اللاتينية، ونقل المستعربون أيضاً علوماً من اللاتينية إلى العربية وكتبوا بِها وصنَّفوا فيها.

 وقد يسّر لهم الخلفاء إحراز المناصب في السفارات وقصور الخلافة وقيادة الجيوش.