المؤتمر الدولي السادس عن "الذات والآخر في الثقافة العربية والإسلامية"

 كلية دار العلوم ـ جامعة المنيا

27 - 29 ديسمبر 2009م

 

 

شاركت الدكتورة سهى بعيون في المؤتمر الدولي السادس: «الذات والآخر في الثقافة العربية والإسلامية» الذي عقد في رحاب جامعة المنيا أيام 27/ديسمبر -  29/ ديسمبر  2009 م، تنظيم كلية دار العلوم. 

والبحث الذي شاركت فيه بعنوان: « تأثير الثقافة العربية الإسلامية في المستعربين في الأندلس ».

 

إنّ مشاركتها في المؤتمر يشمل أثر الثقافة الإسلامية في الأقليات غير الإسلامية في الأندلس التي ارتضت البقاء في المجتمع الإسلامي. والحديث هو منصبّ على نصارى الإسبان، الذين عاشوا مع العرب في الأندلس وتعرّبوا وسمّوا ب‍»المُسْتَعربين« Mozárabes ، وكان لهم إسهام في الحضارة الأندلسية.  وأثر سياسة التسامح من قِبل الحكام المسلمين للأقليات غير الاسلامية »المُسْتَعربين«، وماذا أدّت هذه السياسة من نتائج إيجابية. 

 

تناولت في هذه الدراسة بداية التركيب الإجتماعي للأندلس. فقد ضمنت الأندلس العرب، والأسبان الذين أسلموا وتعربوا، والذين لم يسلموا (المستعربون Mozárabes)، كما ضمنت البربر والصقالبة واليهود. هذه هي العناصر والفئات التي كونت المجتمع الأندلسي. وقد أعطت لاختلاف أصولها وأديانِها لهذا المجتمع صفات خاصة به قلّ أن نجدها في مجتمع آخر.

 

كما تناولت روح التسامح والتعايش من قِبَل الحكام المسلمين للنصارى في الأندلس، من بقاء الكنائس والحرية في إقامة الشعائر الدينية، وتقاضي النصارى بقانونِهم وتنظيمهم أنفسهم، وكانوا يعانون الخسف والظلم الاجتماعي ويصادرون في حرياتِهم ومعتقداتِهم وأموالهم... . ونتيجة لهذا التسامح المثالي وبكافة الأبعاد اتخذ هؤلاء المسيحيون أو أكثرهم (وكذلك اليهود) العربية لغة لهم وأتقنوها وجعلوا يكتبون بِها خيراً مما يفعلون مع لغتهم اللاتينية، ودرسوا العلوم الإسلامية. كما أنّهم اتخذوا العادات الإسلامية ومارسوا أفكار المسلمين وتقاليدهم في ملابِسهم ومطاعمهم ومشاربِهم، وتسمّى كثير منهم بأسماء عربية وأصبح يطلق عليهم اسم ((المُسْتَعْربين))، ونبغ منهم أدباء وعلماء ومنهم من وصل إلى أعلى مناصب الدولة.

 

كما تناولت أصول المستعربين وطبقاتهم الاجتماعية. إنّ السكان النصارى الذين مكثوا في ظل الحكم الإسلامي لم يكونوا من جنس واحد، لا في مستواهم الاجتماعي، ولا في مسلكهم. فقد ضم اسم المستعربين ممثلي طبقة النبلاء من القوط الغربيين والأسر الرومانية العريقة النسب، كذلك ضم اسم المستعربين أغلبية من الخدم والمستوطنين وأبناء الطبقات الدنيا المنحدرين عن المجتمع الهسباني القوطي السابق.

 

وتناولت في هذه الدراسة إقبال المستعربين على تعلّم اللّغة والعلوم العربية. أقبل المستعربون الأسبان على استعمال اللغة العربية لغة الفاتحين، بل وتفضيلها على اللاتينية. وقد عرّبت أسمائهم، فكان لكل واحد منهم اسمان، فمن الصعب تمييزهم عن العرب.

وقد كان للمستعربين دور فعّال في حركة الترجمة. ترجموا علوم المسلمين إلى اللاتينية، ونقل المستعربون أيضاً علوماً من اللاتينية إلى العربية وكتبوا بِها وصنفوا فيها.

 

وإنّ الاستعراب يمثّل تأثير الثقافة العربية في غير المسلمين من الأسبان. وإنّ استمرار وجود هذه الأقلية المسيحية وسط المجتمع الإسلامي يدلّ على الطابع التعدّدي لهذا المجتمع دينياً واجتماعياً. وإنّ هذه التعددية دليل على تسامح الإسلام وقدرته على تمثل الديانات المختلفة وإعادة إفرازها في مشروع حضاري هو الثقافة الأندلسية الإسلامية.